منتديات عباقرة التطوير
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات عباقرة التطوير


 
الرئيسيةمدخل للمنتدىأحدث الصورالتسجيلالقوانيندخول

 

 الاعجاز التشريعي في الزكاة

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
المدير العام
مــدير المنتدى
مــدير المنتدى
المدير العام


كيف تعرفت علينا : Google
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 302
نقاط : 643

الاعجاز التشريعي في الزكاة Empty
مُساهمةموضوع: الاعجاز التشريعي في الزكاة   الاعجاز التشريعي في الزكاة Emptyالخميس يونيو 16, 2011 7:18 pm


--------------------------------------------------------------------------------






الإعجاز التشريعي في الزكاة
(أوجهه ومعاييره ودلالاته الاجتماعية )
أ.د/ رفعت السيد العوضي
أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر
المؤتمر العالمي الثامن للإعجاز العلمي في القرآن والسنة
مقدمـــة:

يستهدف هذا البحث اكتشاف الإعجاز التشريعي في الزكاة. وسوف يقتصر على وعاء الزكاة كما تحدد في عصر النبوة.

لتحقيق هدف البحث سوف تناقش ثلاثة موضوعات. الموضوع الأول عناصر في فقه وعاء الزكاة. وهذا الموضوع يوفر المعرفة المطلوبة عن فقه الزكاة في موضوع البحث وهو وعاء الزكاة في عصر النبوة.

الموضوع الثاني التحليل الاقتصادي والمالي لوعاء الزكاة. وهذا الموضوع يوفر المعلومة الاقتصادية المطلوبة التي يمكن على أساسها تحديد الإعجاز التشريعي في الزكاة.

الموضوع الثالث أوجه الإعجاز في تشريع الزكاة من حيث الوعاء. وهذا الموضوع هو هدف البحث. ويكون قد تم الوصول إليه في سياق تسلسل مقبول.

بناء على هذا التصور لعناصر البحث فإنه سوف يعرض في مبحث تميدي ثم ثلاثة مباحث هي:

المبحث الأول: عناصر في فقه وعاء الزكاة.

المبحث الثاني: التحليل الاقتصادي والمالي لوعاء الزكاة: رؤية إعجازية كلية.

المبحث الثالث: أوجه الإعجاز في تشريع وعاء الزكاة.


مبحث تمهيدي



1- وعاء الزكاة مصطلح يقصد به الأموال التي تجب فيها الزكاة. هذا المصطلح لم يستخدمه الفقهاء الذين كتبوا عن الزكاة إلا أننا لا نجد سبباً يمنع استخدامه في كتاباتنا الحديثة عن الزكاة. هذا المصطلح (الوعاء) شائع الآن استخدامه في الفكر المالي، والزكاة هي نظام مالي، إننا نجد في مصطلح وعاء الزكاة تحديداً فنياً مما يدعم استخدامه، وذلك لأنه يسع الدخل والثروة ويسع الأنشطة الاقتصادية وهي المصطلحات المألوفة في الكتابات الاقتصادية والمالية.

2- التحليل الاقتصادي لوعاء الزكاة له أهميته، بل إنه يمكن القول إنه لا يمكن إعطاء حكم زكوي صحيح للدخول والثروات والأنشطة الجديدة إلا إذا عرف التحليل الاقتصادي للأموال التي وجبت فيها الزكاة في عصر النبوة، وكذلك طبيعة الدخول والثروات في الاقتصاد المعاصر.

3- تتأكد أهمية التعرف على التحليل الاقتصادي للزكاة إذا عرفت طبيعة التشريع في الأموال التي تجب فيها الزكاة وفي مصارف الزكاة. مصارف الزكاة تحددت تحديداً قطعياً في القرآن الكريم في قول الله عز وجل ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾[التوبة: 60].

أما بشأن الأموال التي تجب فيها الزكاة فإنها لم تتحدد في أنواعها على هذا النحو المفصل. يتفق الفقهاء على أن الأموال التي تجب فيها الزكاة تتحدد بقاعدة النماء. تحديد وعاء الزكاة على هذا النحو فيه حكمة سامية تجعل الزكاة معجزة تشريعية اقتصادية، إن الأنشطة الاقتصادية ومصادر الدخول وأشكال الثروات متجددة ومتطورة ولو تحددت الأموال التي تجب فيها الزكاة في عصر النبي عليه الصلاة والسلام تحديداً مفصلاً فإنها كانت ستتحدد بناء على الأموال الموجودة في هذا العصر وبالتالي كان سيمنع أن يدخل في وعاء الزكاة الأنشطة الاقتصادية والدخول والثروات التي تستجد بعد ذلك. لزيادة توضيح هذا المعنى نقارن بين الحياة الاقتصادية في عصر النبي صلى الله عليه وسلم والحياة الاقتصادية في عصرنا، هذه المقارنة تكشف عن أنه توجد اختلافات جذرية في أشكال الأنشطة الاقتصادية وفي مصادر الدخول وفي أنواع الثروات ولم يكن متصوراً أن تذكر أنواع هذه التطورات في الحياة الاقتصادية. لنا أن نتصور ما كان يمكن أن يحدث لو أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «تجب الزكاة في شركات الطيران أو في شركات الاتصالات، هذه الأموال وغيرها لم يكن من الممكن تصورها للمعاصرين للرسول صلى الله عليه وسلم بل ولمن جاء بعدهم بقرون كثيرة حتى عصرنا الحديث.

4- لزيادة الاقتناع بأهمية التحليل الاقتصادي لوعاء الزكاة نشير إلى الآتي: لو سئل فقيه عن الحكم الشرعي لما يعرف باسم طفل الأنابيب فإنه لا يمكن أن يعطى إجابة صحيحة إلا إذا شرح له طبيب كيف تتم هذه العملية وهل هي بين زوجين أم لا. بنفس المنهج نقول إن الزكاة تشريع اقتصادي ومالي والذي يعرف ذلك هو الذي يستطيع بيان طبيعة ما يستجد من دخول وثروات وأنشطة اقتصادية، وكذلك بيان ما تناظره من الأموال التي فرضت عليها الزكاة في عصر النبي عليه الصلاة والسلام، والمناظرة في طبيعة الدخل أو الثروة وليست في نوعه.

5- التحليل الاقتصادي الذي نقدمه عن وعاء الزكاة سوف نجعله خاصاً بالأموال التي دخلت في وعاء الزكاة في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم ، نستهدف من ذلك تحقيق هدفين. الأول هو اكتشاف الطبيعة الاقتصادية للأموال التي فرضت عليها الزكاة في هذا العصر، الهدف الثاني هو استنباط المعايير الاقتصادية التي على أساسها تصنف هذه الأموال من حيث نوع المال (دخل أو ثروة)، ومن حيث النصاب، ومن حيث المعدل.

6- سوف نحاول أن نحقق من هذا البحث هدفاً كلياً رئيسياً هو: إثبات أن الزكاة معجزة تشريعية اقتصادية.

7- التحليل الاقتصادي لوعاء الزكاة عمل يروده هذا البحث، وهو يتأسس على فكر اقتصادي، هذا الفكر الاقتصادي يمكن وصفه بأنه ينطبق عليه القول الآتي: إنه من المعلوم بالضرورة في الدراسات الاقتصادية.

8- فيما يتعلق بالمصادر والمراجع؛ الفقرة الأولى بالبحث موضوعها عناصر في فقه الزكاة ويمكن القول عن هذا الفقه: إنه من المعلوم بالضرورة في فقه الزكاة، وقد أسند بعض ما جاء فيه إلى المصادر والمراجع الفقهية. الفقرة التي جاءت بعد ذلك تداخل فيها الفقه مع الاقتصاد، ومن حيث الفقه فقد سبقت الإشارة إليه أما الاقتصاد فإنه رؤى للباحث في الموضوع ولذلك لم تظهر فيه مراجع لهذا السبب. الفقرة الثالثة والأخيرة والتي موضوعها أوجه الإعجاز في تشريع وعاء الزكاة ومعايير هذا الإعجاز فإنها بمثابة نتائج وهي رؤى للباحث ولذلك لم تظهر فيها مراجع.


المبحث الأول

عناصر في فقه وعاء الزكاة



تمهيد

1- تعريف الزكاة

الزكاة هي الجزء المقدر الواجب دفعه على مالك النصاب بالنية ليصرف في مصارف معينة([1]).

2- الزكاة ركن من أركان الإسلام

حدثنا ابن عمر رضي الله تعالي عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا»([2]).

يدل هذا الحديث على أن الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة ؛ أي التي يقوم بها ويرتكز عليها. وتكيف الزكاة على أنها عبادة مالية.

3- شروط الزكاة: أجمع علماء الإسلام على أن الزكاة تجب على المسلم الحر([3]). وقد ترجح القول بوجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون([4]).

4- لم يحدد القرآن الكريم الأموال التي تجب فيها الزكاة، كما لم يفصل المقادير الواجبة في كل منها وترك ذلك للسنة القولية والفعلية. والشروط التي تشترط في المال الذي تجب فيه الزكاة هي([5]):

- الملك التام.

- النماء.

- بلوغ النصاب.

- الفضل عن الحوائج الأصلية.

- السلامة من الدين.

- حولان الحول (في الأموال التي يشترط فيها ذلك).

5- الأموال التي فرضت عليها الزكاة في عصر النبوة خمسة هي: الذهب والفضة، الزروع والثمار، عروض التجارة، الثروة الحيوانية، الثروة المعدنية([6]). وسوف نعرض شيئاً من فقهها مع تحليل اقتصادي.

أولاً: الذهب والفضة:

1- فرضت الزكاة على الذهب والفضة وذلك ثابت بالكتاب والسنة والإجماع([7]). نريد أن نتعرف على الطبيعة الاقتصادية لهذا النوع من الأموال. التحليل الاقتصادي لهذا المال يبين أنه ثرة، والثروة تعرف بأنها: كل ما يمتلكه الشخص وتكون له قيمة تبادلية ([8])، الذهب والفضة لهما قيمة تبادلية فإذا امتلكهما شخص فإنهما يصبحان جزءاً من ثروته.

2- أجمع المسلمون على وجوب الزكاة في النقود([9]) وأن تعامل زكوياً معاملة الذهب والفضة. وذلك لأنها ثروة (سائلة). من فقه الزكاة نعرف أنه يشترط لوجوب الزكاة في هذه الثروة أن يمر عليها عام كامل. المعنى الاقتصادي لذلك هو أن هذه الثروة ظلت مكتنزة أي عاطلة لمدة عام كامل، إنها لم تشارك في الحياة الاقتصادية للمجتمع، إنها لم تعمل، لم تنتج، لم يستفد منها صاحبها وكذلك لم يستفد منها المجتمع، بعبارة اقتصادية إنها ثروة أو ادخارات لم تستثمر.

3- ونحن نحاول التعرف على الطبيعة الاقتصادية لهذه الثروة نقترح أن ندخل في الاعتبار قول الرسول صلى الله عليه وسلم : «اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة»([10]). النتيجة التي تترتب على هذا القول أن هذه الثروة لو اتجر بها، أي أصبحت مشغلة، أصبحت عاملة، أصبحت

منتجة، أصبحت مفيدة لصاحبها وللمجتمع فإنها سوف تأخذ حكماً زكوياً آخر غير الحكم الذي تخضع له إذا ظلت ثروة عاطلة.



ثانياً: الزروع والثمار: الزكاة فيها ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع([11]):

1- الزروع والثمار متولدة عن استغلال ثروة وهي الأرض. المصطلح الاقتصادي الذي يستخدم هو الدخل، يعرف الدخل بأنه العائد الذي يحصل عليه الشخص الذي يقدم عملاً (الأجر) أو يقدم رأس مال أو يقدم أرضاً([12]). الأرض بهذا التعريف تكون مصدراً للدخل.

2- التحليل الاقتصادي لهذا النوع من الأموال التي دخلت في وعاء الزكاة يبين أن الثروة إذا كانت عاملة، أي منتجة، أي مفيدة لصاحبها وللمجتمع فإن الزكاة لا تفرض على عين الثروة وإنما تفرض الزكاة على الدخل الذي يتولد من تشغيل هذه الثروة. بعبارة أخرى الثروة التي تصبح أصلاً رأسمالياً منتجاً لا تفرض الزكاة على عين هذا الأصل وإنما تفرض على الدخل الذي يتولد منه.

3- ونحن نحاول التعرف على الطبيعة الاقتصادية لهذا النوع من الأموال الزكوية نقترح أن نأخذ في الاعتبار المناقشة الفقهية عن الموضوع الآتي: الزكاة هل هي حق الأرض أو حق الزرع أو حقهما معاً؟ أيًّا كان الرأي الذي يرجح في هذه المناقشة فإن الدلالة الاقتصادية له أن هناك ثروة وهي الأرض، وأن هناك دخلاً وهو الزرع الناتج من الأرض وأن الزكاة على الدخل وليست على الثروة.

4- نحاول أن نمد المناقشة إلى بيان الحكمة الكامنة وراء منع فرض الزكاة على الثروة التي أصبحت أصلاً رأسمالياً منتجاً. الحكمة في ذلك هي المحافظة على الأصول المنتجة، وبالتالي تحفظ الطاقة الإنتاجية للمجتمع. أيضاً يدخل في هذه الحكمة أن إعفاء الأصول المنتجة من الزكاة يشجع الناس على تحويل ثرواتهم المعطلة إلى أصول رأسمالية منتجة تدفع الزكاة على الدخل المتولد منها وبذلك يستفيد صاحب الثروة ويستفيد المجتمع على وجه العموم وفقراؤه على وجه الخصوص.



ثالثاً: عروض التجارة: الزكاة ثابتة فيها بالقرآن والسنة والإجماع والقياس([13]):

1- تعرف عروض التجارة بأنها: ما يعد للبيع والشراء بقصد الربح(4). نحاول أن نعطى أمثلة من الحياة الاقتصادية في عصرنا على ما يدخل في عروض التجارة: السلع الغذائية كلها التي يتاجر فيها تدخل في عروض التجارة، شخص يتاجر في العقارات هذه عروض تجارة، شخص يتاجر في السيارات هذه عروض تجارة، شخص يتاجر في الأسهم هذه عروض تجارة، شخص يتاجر في الحيوانات هذه عروض تجارة.

2- المناقشات الفقهية حول زكاة هذا النوع من الأموال تبين أن التاجر يكون عنده نوعان من الأصول ([14])، النوع الأول الأصول الثابتة وهي التي تكون لازمة لقيام النشاط التجاري ولكن لا يتاجر فيها مثل المباني والآلات والتجهيزات. نعطى أمثلة لتوضيح هذا النوع من الأصول: شركة قامت للاتجار في السلع الغذائية يلزمها مبنى وتجهيزات مثل أرفف وغيرها، ثلاجة لحفظ ما يلزم حفظه، سيارة صغيرة لنقل البضائع. هذه أمثلة لما يدخل في الأصول الثابتة. هذا النوع لا تدفع عنه زكاة لأن الزكاة فيما كان بنية التجارة لا القنية. نرى أن نجرى تحليلاً اقتصادياً عن طبيعة هذا الأصل وكيفية مساهمته في النشاط، هذه الأصول الثابتة لا شك أنها تساهم في توليد الدخل الذي تحصل عليه هذه الشركة، وهي ثروة بالمعنى العام وإن كان يقال عنها بالتعبير الاقتصادي الاصطلاحي رأس مال ثابت. بناء على هذا التحليل الاقتصادي نستنتج أن هذه الأصول هي ثروة عاملة، ثروة منتجة، ثروة تعود بالفائدة على صاحبها وعلى المجتمع، ولذلك فإنه لا تفرض الزكاة عليها في عينها وإنما تفرض الزكاة على الدخل الذي ينتج من تشغيلها.

من المفيد أن نذكر أن هذه الأصول تتناقص قيمتها سنوياً بسبب استخدامها وهذا ما يقال عنه الإهلاك، وسوف تكون قيمة الإهلاك جزءاً من التكلفة التي يتحملها المشروع والتي تخصم من الدخل.

3- النوع الثاني الأصول المتداولة، وهي في الشركة التجارية تكون ممثلة في السلع التي يتاجر فيها، قبل أن نقدم تحليلاً اقتصادياً لهذا النوع من الأصول نرى أن نشير إلى أن مصطلح الأصول المتداولة يقصد به في الاصطلاح الاقتصادي المواد التي تجرى عليها عملية تحويل لتصبح صالحة للاستعمال لإنتاج خدمة.

التحليل الاقتصادي للأصول المتداولة؛ أي للسلع التي يتاجر فيها يكشف عن أنها ليست دخلاً تولد من تشغيل ثروة (رأسمال ثابت) وليست ثروة مكتنزة عاطلة لا تنتج، كما أنها ليست ثروة من قبيل رأسمال ثابت تنتج سلعة أخرى؛ إنها ليست ثروة مثل الأرض مطلوب المحافظة عليها لتظل تنتج سلعاً أخرى، كما أنها ليست مثل الأصول الرأسمالية الثابتة التي تتيح تسهيلات أو خدمات لازمة للنشاط، الدخل الذي يتولد عن هذا النوع من الأصول يحدث عندما تباع؛ أي عندما تنتقل ملكيتها إلى شخص آخر.

هذا كله يكشف عن عناصر مميزة لهذه الأصول المتداولة؛ أهم ما نرى التأكيد عليه بشأن هذه الأصول هو أنها ثروة، ولكنها ليست مكتنزة وهي ليس رأسمال ثابت أو أصولاً ثابتة.

المعاملة الزكوية لهذه الأصول من حيث فرض الزكاة عليها بمعدل 2.5% يشير إلى أنها اعتبرت مشابهة للثروة السائلة: النقود والذهب والفضة. نستطيع القول بأن تكييف الأصول المتداولة في زكاة عروض التجارة على هذا النحو يجعلنا أمام وجه من وجوه الإعجاز التشريعي في الزكاة، إن الأصول المتداولة تولد دخلاً عندما تنتقل من يد إلى يد أي أنها تظل ثروة سائلة، ولم تتحول إلى رأسمال ثابت ينتج سلعة أو خدمة.

قد يرد اعتراض مؤداه أن النشاط التجاري يلزم له كما قلنا مشاركة الأصول الثابتة، أي رأسمال ثابت، وسبق أن قلنا إن الإهلاك في رأس المال الثابت يكون أحد عناصر التكلفة التي تخصم من الأرباح، نضيف إلى ذلك القول الآتي: الدخل الذي يتولد عن هذه الأصول هو ما يساوى الإهلاك أي النقص الذي حدث في هذه الأصول. أي أن هذه الأصول لا ينتج منها دخل صافي بحيث يزكي، ولو حدث ذلك فإنه كان سيزكى بنسبة 10%، أو 5% وهي زكاة الدخل المتولد عن أصل رأسمالي. يضاف أيضاً أن هذه الأصول لا تدخل في وعاء زكاة عروض التجارة، وهذا يعنى أنه احتفظ بأحد المبادئ المالية في تشريع الزكاة وهو عدم فرض الزكاة على الأصل الرأسمالي الذي ينتج وذلك للمحافظة على القدرة الإنتاجية للاقتصاد.

4- النتيجة التي نصل إليها من خلال التحليل الاقتصادي لهذا النوع الثالث من الأموال التي تفرض عليها الزكاة هي أن الأصل الرأسمالي الثابت المنتج لا تفرض عليه زكاة، وأن الثروة تفرض عليها الزكاة بمعدل 2.5%. يمكن أن نعيد صياغة هذه النتيجة على النحو الآتي: الثروة التي تحولت إلى أصل رأسمالي ثابت منتج لا تفرض عليها الزكاة وإنما تكون الزكاة على الدخل المتولد منه، أما الثروة التي لم تتحول إلى ذلك فإنه تفرض عليها الزكاة في عينها بنسبة 2.5%.



رابعاً: الثروات الحيوانية:

1- يمكن أن نجمع عناصر في فقه زكاة الثروة الحيوانية في الآتي([15]):

( أ ) الأغنام والماعز إذا بلغ عددها أربعين يكون مقدار الزكاة واحدة منها. وإذا حولنا هذا إلى معدل مئوي يكون 2.5%.

(ب) نصاب الإبل يبدأ من خمس وتكون فيها شاة، وهذه في قيمتها أقل من جمل واحد.. تتدرج الأنصبة حتى إذا كان عدد الإبل من 25-35 فإنه يكون فيها بنت مخاض، وهي أنثي الإبل التي أتمت سنة واحدة. فإذا كان عدد الإبل من 36-45 يكون فيها بنت لبون، وهي أنثي الإبل التي أتمت سنتين ودخلت في الثالثة، سميت بذلك لأن أمها وضعت غيرها وصارت ذات لبن. نستطيع القول إن بنت اللبون أصبحت جملاً. عندما نحول ذلك إلى معدل مئوي فإننا نجده حوالي 2.5% ثم يتطور المعدل بعد ذلك.

(ج) القول المشهور في زكاة البقر أن نصابها يبدأ بثلاثين وفيها تبيع وهو ما له سنة، فإذا بلغ العدد أربعين ففيها المسنة، وهي ما له سنتان. من ملاحظة الثروة الحيوانية يمكن القول إن المسنة أصبحت بقرة ولهذا فإنه يستنتج أن المعدل الذي تفرض به الزكاة على البقر يبدأ بنسبة 2.5% ثم يتطور بعد ذلك.

(د) جمع النتائج التي جاءت في ( أ ) و(ب) و(ج) يعطى النتيجة التالية: المعدل الذي فرضت به الزكاة على الإبل والبقر والغنم هو حوالي 2.5%. هذه النتيجة يمكن تعميمها على النحو الآتي: المعدل الذي تفرض به الزكاة على الثروة الحيوانية هو 2.5%.

2- نحاول عمل تحليل اقتصادي للثروة الحيوانية التي تفرض عليها الزكاة:

( أ ) الحيوانات العاملة: يتأسس فقه الزكاة على أن الحيوانات العاملة لا تفرض عليها الزكاة([16]). التحليل الاقتصادي لها هو أنها تحولت من ثروة إلى أصل رأسمالي منتج. هذا يعنى استمرار القاعدة التي سبق استنتاجها وهي: الثروة التي تتحول إلى أصل رأسمالي منتج لا تفرض عليها الزكاة. بالعودة إلى زكاة الزروع والثمار نعرف أن الثروة التي أصبحت أصلاً رأسمالياً منتجاً تفرض الزكاة على الدخل منها. والسؤال هو: الثروة الحيوانية العاملة التي أصبحت أصلاً رأسمالياً منتجاً ما هو الدخل الذي ينتج منها. الدخل الناتج منها سوف يكون مدمجاً مع دخل أصل رأسمالي آخر. المثال الآتي يوضح ذلك: الثروة الحيوانية العاملة في القطاع الزراعي سوف تكون لها مساهمة في الدخل الناتج في هذا القطاع، ومن المعروف أن الدخل في هذا القطاع يخضع للزكاة بمعدل 5 أو 10% . وهذا سوف يطبق على كل الدخل الذي هو في الحقيقة متولد عن الأرض وعن مساهمة العناصر الأخرى التي شاركت في هذا النشاط مثل عمل الإنسان وعمل الحيوان وعمل الآلة.

(ب) الحيوانات السائمة (التي ترعى في كلأ مباح): بناء على فقه الزكاة عن هذا النوع من الحيوانات فإنه تفرض الزكاة على عينها. التحليل الاقتصادي يبين أن هذه ثروة لم تتحول إلى أصل رأسمالي منتج وبذلك فرضت الزكاة على عينها.

3- النتائج التي وصلنا إليه بشأن الزكاة على الحيوانات تجمع في الآتي:

الحيوانات العاملة أي التي تعتبر كأصل رأسمالي منتج لا زكاة في عينها أما الحيوانات السائمة غير العاملة فإنها تكيف على أنها ثروة لم تتحول إلى أصل رأسمالي منتج ولذلك تفرض الزكاة على عينها. هذا هو الشق الأول في النتيجة، الشق الثاني في النتيجة هو أن الزكاة على الثروة الحيوانية يبدأ بمعدل 2.5% تقريباً. وإن كنا نقول إن هذا المعدل يحتاج على مناقشة تفصيلية في بحث مستقل لمعرفة بدايته وتطوره، وما إذا كان متفقاً مع معدلات فرض الزكاة في الأموال الأخرى أو مختلفاً عنها ، وإذا كان مختلفاً فلماذا؟



خامساً: الثروة المعدنية:

1- زكاة المعادن أخذت مساحة واسعة في المناقشات الفقهية ولذلك أسبابه. منها المناقشة التي دارت عن مصطلح الركاز وهل يشمل المعادن أو يقتصر على الكنز الذي هو دفين الأمم السابقة. ومنها ما يتعلق بمصرف هذا النوع من الزكاة: هل يصرف في مصارف الزكاة الثمانية المعروفة أو يصرف مصرف الفيء أي في المصالح العامة للمسلمين. هذه الأسباب وغيرها عكست نفسها في نصاب زكاة المعادن وفي المعدل الذي تفرض به وفي الحول وفي المصارف التي تصرف فيها.

2- المناقشة عن زكاة المعادن يجب أن تأخذ في الاعتبار الفقه الواسع عن ملكية المعادن وهل تكون ملكية خاصة أو ملكية عامة. الرأي الذي يترجح من المناقشات الفقهية أن المعادن لا تدخل في الملكية الخاصة وإنما تكون ملكيتها عامة، وعامة تعنى أنها لمصالح جميع المسلمين.

3- زكاة المعادن تبحث عدداً من الأسئلة حول النصاب والمعدل والحول. بشأن المعدل فإن الآراء([17]) تدور حول 20% أو 2.5%. القائلون بأن المعدل 20% لهم أدلتهم وكذلك القائلون بأن المعدل 2.5% لهم أدلتهم.

4- نحاول التعرف على ماذا إذا كانت زكاة المعادن هي زكاة على ثروة أو على دخل. الدخل هو ما يحصل عليه الشخص نتيجة تقديمه عمل أو رأسمال أو أرض، وعادة ما يكون دورياً. التحليل الاقتصادي الذي يعتمد هذا التعريف للدخل يجعل المعادن لا تدخل فيه. بعبارة أخرى إنه لا يمكن إدخال المعادن في هذا التعريف للدخل. في مقابل مصطلح الدخل فإن هناك مصطلح الثروة، تعرف الثروة بأنها: كل ما يمتلكه الشخص وتكون له قيمة تبادلية. المعدن الموجود في باطن الأرض يخضع للملكية، إن الذي استخرجه امتلكه بمقابل دفعه، وعمليات استخراجه لا تغير من طبيعته أنه ثروة محازة، كما أن لهذا المعدن قيمة تبادلية. على هذا الأساس فإن التحليل الاقتصادي يبرر قبول أن تكون المعادن داخلة في تعريف الثروة؛ أي أنها ثروة.

5- عندما يقبل إدخال المعادن في الثروة بناء على التحليل الاقتصادي فإنه يترجح أن الزكاة عليها تكون بنسبة 2.5% وذلك لتكون في تلاؤم مع أنواع الثروات الأخرى التي دخلت في وعاء الزكاة وفرضت عليها بمعدل 2.5%. كما يقبل أن يكون نصابها نصاب النقود والذهب والفضة (ما قيمته 85 جرام من الذهب الخالص). فيما يتعلق بالحول فإننا نقدم التحليل الاقتصادي التالي في محاولة لاستنتاج رأي حول هذا الموضوع. المعدن كان محازاً في يد الذي استخرجه (مالك البئر أو المنجم أو الأرض) واستخراجه هو تمكين للانتفاع به وليس إنتاجاً له. بناء على ذلك فإن زكاة المعدن تكون عند استخراجه، أي أنه لا يشترط مرور حول عليه بعد استخراجه. إن شرط مرور حول بعد استخراج المعدن يعنى مضاعفة للحولية لمن تجب عليه الزكاة، وهذا يكون بمثابة ميزة له على أنواع الزكوات الأخرى وهذه الميزة ليس لها مبرر أو تفسير من أي نوع. وهذه العملية تتضمن ضياع حقوق الفقراء لمدة عام، وهذا أيضاً لا يمكن الدفاع عنه.

6- ما سبق عن فقه زكاة المعادن يدور حول الآتي: المعدل 20% أو 2.5%، يشترط مرور حول أو لا يشترط، يشترط فيه النصاب أو لا يشترط. التحليل الاقتصادي الذي سبق تقديمه عن أن المعادن ثروة ولأجل أن يشبع شرط التلاؤم مع أنواع الزكوات الأخرى التي يكون وعاؤها الثروة فإنه متاح لنا الآن أن نقوم بالترجيحات التالية: يشترط النصاب لوجوب الزكاة في المعدن وهو 85 جرام من الذهب الخالص، وأن المعدل الذي تفرض به الزكاة هو 2.5%. وباعتبار أنها كانت ثروة محازة تحت الأرض قبل استخراجها فإن حولها يكون عند استخراجها أي لا يشترط مرور حول جديد بعد نقلها إلى ظاهر الأرض أي استخراجها
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://3barka.yoo7.com
شـمـووخ
نائب المدير
نائب المدير
شـمـووخ


كيف تعرفت علينا : Google
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 191
نقاط : 356

الاعجاز التشريعي في الزكاة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاعجاز التشريعي في الزكاة   الاعجاز التشريعي في الزكاة Emptyالجمعة يونيو 17, 2011 3:23 am

يعطيكـ العافيهـ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير العام
مــدير المنتدى
مــدير المنتدى
المدير العام


كيف تعرفت علينا : Google
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 302
نقاط : 643

الاعجاز التشريعي في الزكاة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاعجاز التشريعي في الزكاة   الاعجاز التشريعي في الزكاة Emptyالثلاثاء أغسطس 16, 2011 8:24 am

شكرا على تواجدكـ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://3barka.yoo7.com
 
الاعجاز التشريعي في الزكاة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تعريف الزكاة
» بين الزكاة والضريبة
» لاتجب الزكاة على غير المسلم
» الزكاة تؤخذ من الأغنياء وترد على الفقراء
»  أولويات الاقتصاد الإسلامي .. تفعيل مؤسسة الزكاة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات عباقرة التطوير :: منتديات اسلاميه :: القسم الاسلامي :: القسم الاسلامي العام-
انتقل الى: